في الرابع من آب 2020، في أوّل المساء، كان أنطون زعرور في بيته في المدوّر مستلقيًا في سريره يشاهد التلفاز وكانت زوجته ليليان في المطبخ تغسل بعض الفاكهة. فجأة سمع الزوجان دويّ انفجار. ركضت ليليان صوب باب الشقة وهرع أنطون إلى غرفة الجلوس ووقف قبالة النافذة محاولًا معرفة مصدر الصوت.
عند السادسة وسبع دقائق، هزّ انفجار ثان المبنى قاذفًا ليليان خارج الشقة لتصطدم بدرابزين الدرج وتسقط أرضًا مغشيًا عليها. استيقظت ليليان على أصوات جيرانها يصرخون ويركضون على الدرج والدماء تغطّيهم. وقفت رغم الألم الذي كانت تشعر به ولحقت بجيرانها معتقدة أنّ أنطون خلفها. ولكن حين استدارت لم ترَه، فعادت أدراجها مسرعة ودخلت الشقة وسارت على الركام وحطام الأبواب والأثاث وهي تنادي زوجها. في غرفة الجلوس، وجدته ممدّدًا على الأرض من دون حراك، عيناه مفتوحتان على وسعهما والدماء تغطّيه…
اتصلت ليليان بابنتها كلير طالبة المساعدة. وصل إيلي زوج كلير بعد ساعة ونقل ليليان وأنطون إلى مستشفى مار يوسف في الدورة حيث أُدخل أنطون إلى العناية المركّزة مصابًا بكسر في الجمجمة. في ذلك المساء، رأت ليليان وإيلي مشاهد مروّعة. وفي تلك الليلة قرّرا إخفاء حقيقة وضع أنطون عن كلير التي كانت حاملًا في الشهر الثامن مخافة أن يؤثر الخبر على حملها. ولم يقبلا أن تزوره في المستشفى خوفًا من كورونا التي كانت لا تزال متفشية في تلك الفترة.
مرّ شهر قبل أن تتمكّن كلير من رؤية والدها وكان لا يزال في غيبوبة. زارته ثلاث مرات قبل موعد ولادتها وخلال زياراتها عبثًا حاولت أن تحصل منه على ردّة فعل وهي تشغّل له فيديوهات على هاتفها لابنتها الكبرى التي كانت نقطة ضعفه.
في 19 أيلول، عند الثالثة صباحًا أُدخلت كلير إلى المستشفى وعند التاسعة، وأثناء انتظارها انتهاء حمّام مولودتها، فتحت فيسبوك على هاتفها لتقرأ الخبر الموجع: “أمس خسرنا جارنا أنطون زعرور الذي أصيب بجروح بالغة في انفجار الرابع من آب…”
توفي أنطون في اليوم السابق، في 17 أيلول حوالي الساعة السادسة والنصف أي قبل ساعات من ولادة كلير لابنتها الثانية. وخلال تلك الساعات لم تستطع ليليان وإيلي إخبار كلير بوفاة والدها وتصرّفا بشكل طبيعي وهما يعضّان على الجرح.
لم تتمكّن كلير من حضور دفن والدها الذي حصل في اليوم التالي لولادتها.