في الرابع من آب 2020، أوّل المساء، كان المواطن السوري سامر تيباطي في عمله في محل الإطارات المقابل للبوابة رقم 3 لمرفأ بيروت. وكانت زوجته فداء وابنته بيسان (7 سنوات) وابنه حسن (سنتان) في شقتهم الصغيرة التي تعلو المحل ينتظرون أن ينهي عمله. كان سامر يصلح إطار سيارة حين سمع دوي انفجار قريب.
عند السادسة وسبع دقائق، هزّ انفجار آخر المنطقة وقذف سامر أرضًا وسط فوضى عارمة قبل أن يسمع صراخ زوجته من الأعلى فهرع مسرعًا إلى الخارج ودخل الشقة المدمّرة وهناك كانت بيسان على الأرض مغمىً عليها.
حمل سامر بيسان وهرع بها إلى الشارع للبحث عن سيارة إسعاف تقلّهما إلى أقرب مستشفى. وقف وسط الدمار محاولًا إيقاف سيارة. وبعد دقائق رأى رجلًا على دراجة نارية فأوقفه وطلب منه المساعدة. ركب سامر وراء الرجل حاملًا ابنته. وفي الطريق شعر سامر ببيسان تعضّ كتفه وسمعها تقول: “بابا بابا ساعدني”.
بعد محاولات عديدة لعلاجها في إحدى مستشفيات المدينة، نجح أخيرًا في إدخالها إلى مركز كليمنصو الطبي. كانت حالة بيسان حرجة جدًا إذ تبيّن أنّ شظايا صلبة أصابت رئتيها وهي بحاجة أن تبقى تحت المراقبة لعدة أيام.
أرسل سامر زوجته وابنه الرضيع إلى الجبل للبقاء عند أقاربهم وأمضى هو أيامًا وليالٍ في المستشفى بجانب بيسان. وبعد أسبوع، وأثناء وجوده خارج الغرفة لتدخين سيجارة، لحقت به ممرضة وقالت له إنّ الطبيب يبحث عنه. عاد سامر إلى الغرفة وفي الخارج كان الطبيب بانتظاره مع الخبر المفجع: رحلت بيسان..
منذ وفاتها، زار سامر والعائلة قبر بيسان كلّ صباح لمدة عام. نظّفوا القبر، ووضعوا الزهور عليها. وكانت رحلة العثور على مساحة لدفن ابنته شاقة. فقد أراد دفنها في سوريا كي يبقى إلى جانبها لو عاد يومًا ما إلى بلاده مع العائلة لكن كان ذلك مكلفًا جدًا وغير آمن. لذلك بحث عن مساحة في لبنان لدفنها وسأل في أكثر من مقبرة ولكنها كانت ترفض قبول سوريين. وأخيرًا وجد مساحة صغيرة لها في مقبرة في بيروت.
في أيلول 2021، نقل سامر فداء زوجته إلى المستشفى وبعد ساعات وضعت مولودتها التي أسمياها بيسان على اسم أختها.
بعد شهرين، حصلت عائلة تيباطي على لجوء في فرنسا وغادرت لبنان نهائيًا. وقبل رحيلهم، طلب سامر من أصدقائه زيارة بيسان كلّما سمح لهم الوقت