في الرابع من آب 2020، في أول المساء، كان لدى تانيا ضو موعد مع طبيب الأمراض الجلدية في مستشفى الروم بالأشرفية. أقلّها زوجها، جان فريدريك علم، إلى المستشفى. فهما كانا قد تعاهدا على أن يترافقا دائمًا كلّما كان لدى أحدهما موعد مع طبيب.
عند الساعة السادسة، بعد انتهاء المعاينة، تلقيا رسالة على مجموعة العائلة على واتساب من ابنهما البكر سيدريك يخبرهما فيها بانفجار مفرقعات في مرفأ بيروت. كان في منزله في بعبدا مع شقيقه يان. بعد بضع دقائق، بعث رسالة أخرى بالفرنسية: “هل تحبني؟” أجابه والده: “حب نووي”.
عند السادسة وسبع دقائق، هزّ انفجار مزدوج المنزل. أخذ سيدريك هاتفه وعبثًا حاول الاتصال بوالده. عاود المحاولة عدة مرات. ردّت تانيا وهي تصرخ، “والدك لا يتنفس! اطلب لنا المساعدة… لا أحد يساعدنا هنا”. اتصل سيدريك ويان بأطباء الأسرة والأقارب والشرطة والصليب الأحمر – بأي شخص يمكنه مساعدة والديهما.
بعد عشر دقائق، تلقيا رسالة على مجموعة العائلة من والدهما يقول فيها: “كل شيء على ما يرام، كل شيء على ما يرام. نحن قادمان إلى المنزل”. كان الشقيقان مشوّشين ولكنهما شعرا بالارتياح. اتصلا بوالدتهما. ردّت تانيا وقالت لهما: “لا أحد يساعدنا. قضي الأمر. هو لا يتنفس منذ فترة. إنه مغطى بالدماء. استمرا في محاولة الحصول على المساعدة، لكنني أعتقد أن الأمر قد انتهى… أضيئا شمعة”.
كانت تانيا وزوجها فريدي يستعدان لمغادرة عيادة الطبيب عندما سمعا الانفجار الأول. أمسك فريدي بهاتفه وأرسل رسالة إلى مجموعة العائلة يخبرهم فيها أنّ كل شيء على ما يرام وأنّهما في طريقهما إلى المنزل. أثناء ضغطه على “إرسال”، رأت تانيا شكل النافذة يتغيّر. سمعت صوتًا أشبه بالشفط تلاه صوت مرعب. وجدت نفسها بعد ذلك على الأرض. كان الطبيب ممددًا تحت الطاولة، وكلاهما مغطيان بالدماء. أما فريدي، بجانبها، فلم يكن يتحرّك. لم تصل رسالة فريدي الأخيرة إلى ابنيه إلا بعد عشر دقائق إذ أنّ الاتصال بشبكة الإنترنت كان قد انقطع.
بقيت تانيا بجانب زوجها حتى وصل طبيب العائلة. تحقّق من نبض فريدي غير أنه كان قد فارق الحياة.
اعتاد فريدي على إرسال الرسائل إلى تانيا طوال الوقت ليسألها: “هل أخبرتك اليوم أنني أحبك؟” كان الصديق المفضّل لابنيه.
“كان محبوبًا. كان أشبه بالشهُب. منحنا حبًا كبيرًا لسنوات عديدة، ثم غادر”، تقول تانيا.