في الرابع من آب 2020، وكان يوم ثلاثاء، كان شربل متّى وهو عريف في أمن الدولة في الخدمة في مرفأ بيروت منذ الإثنين ويفترض به العودة إلى المنزل الأربعاء. عند العاشرة صباحًا اتصل شربل بعمّته سامية وسألها إن كانت غاضبة منه. فاجأها السؤال وأجابته أنّها لن تغضب منه في حياتها.
توفيت والدة شربل عام 2003 بعد إصابتها بالسرطان وكان هو في السادسة وشقيقته رفقا في العاشرة. ومنذ ذلك الحين وسامية ترعاهما كما لو كانا ولديها حتى بعد أن تزوّج والدهما عبدو من جديد.
عند السادسة وسبع دقائق، هزّ انفجار كبير منطقة زوق مكايل. اتصل عبدو بعائلته للاطمئنان عليها وبعد دقائق انتشر الخبر بأنّ الانفجار وقع في مرفأ بيروت. فاتصلت سامية التي تسكن في المبنى نفسه مع شقيقها وعائلته، على الفور بشربل ولكن بلا جدوى.
توجّه عبدو بسيارته إلى بيروت ومعه سامية. وصلا حوالي السابعة إلى مقربة من المرفأ. وبدآ يركضان من بوابة إلى أخرى بحثًا عن شربل. أخبرهما زملاؤه أنّه نقل من المرفأ قبل الانفجار لأنه أصيب بكسر في يده حين بدأ الحريق في العنبر رقم 12 في المرفأ. غير أنّ أحدًا لم يؤكد لهما إلى أي مستشفى نُقل.
بحثت العائلة والأصدقاء لساعات عن شربل في مستشفيات بيروت وضواحيها. وفي هذا الوقت ورد في الأخبار أنّ شربل على قيد الحياة في مستشفى الجامعة الأميركية. فور سماع الخبر، توجّه عبدو وسامية إلى هناك ولكنهما لم يحصلا على أي تأكيد بوجوده أو عدمه.
فجرًا، عاد الاثنان إلى المنزل لأخذ قسط من الراحة قبل معاودة البحث. عند السادسة إلّا ربع، اتصل ضابط في أمن الدولة بعبدو: لقد عثروا على شربل في مستشفى ببيروت. كان قد فارق الحياة.
في الخامس من آب، كان يفترض بشربل لقاء والده صباحًا لشراء سيارته الأولى. بدلًا من ذلك، ذهب عبدو إلى المشرحة للبحث عن جثمان ابنه. وبعد شهرين، اشترى عبدو السيارة التي أرادها شربل وركنها قرب المبنى حيث تقطن العائلة.
“4 آب مصيبة دمّرت حياتنا. صحيح أني أعيش وأتصرّف كأنّي بخير ولكن ثمّة أمور كثيرة توقفت عن فعلها”، يقول عبدو.
من الأمور التي توقف عن فعلها بعد مقتل ابنه، كانت شوي اللحم في البيت. فقد كان يفترض أن يفعل ذلك قبل يوم من الانفجار لكنه أجّله حتى الأربعاء للاحتفال بشراء السيارة الجديدة.
في الجنازة، أخبر زملاء شربل العائلة أنّه كان سبب بقائهم على قيد الحياة. فقد أنقذهم قبل أن يُقتل.
قبل خمسة أيام من التفجير، بلغ شربل الـ 24.