في الرابع من آب 2020، استيقظت آني فارتيفاريان في الصباح الباكر وهي تشعر بغصة كبيرة لم تستطع تفسيرها. كانت تنوي قضاء اليوم مع ابنتها الصغرى، غايا فودوليان. جالتا في العاصمة لقضاء بعض الحاجات وعادتا إلى المنزل في وقت متأخر من بعد الظهر للاستحمام والاستعداد للخروج مجددًا.
وعندما كانت غايا تستعدّ للاستحمام، سمعتا دويّ انفجار قوي. هرعتا إلى غرفة الجلوس ورأتا دخانًا كثيفًا يتصاعد خلف المباني.
عند السادسة وسبع دقائق، صرخت آني وطلبت من غايا مغادرة الغرفة. ركضت غايا إلى اليمين باتجاه غرفة الجلوس، بينما هرعت آني إلى اليسار نحو المطبخ. بعد بضع ثوانٍ، هز انفجار آخر الشقة ممّا أدى إلى تحطّم الواجهة الزجاجية الكبيرة في غرفة الجلوس. خرجت آني من المطبخ فرأت الدخان والحطام في كل مكان. سمعت صوت غايا تئنّ ووجدتها ممددة على الأرض في نهاية الرواق. ركضت آني نحوها وقلبتها، فرأت بقعًا داكنة حول عينيها.
اتصلت ماريانا، الابنة الكبرى لآني، بوالدتها. سمعت آني تصرخ وتنادي غايا. حاولت شقّ طريقها سيرًا عبر المدينة بين الأنقاض والدمار. وصلت إلى المبنى وصعدت الدرج إلى الطابق العاشر حيث وجدت آني جالسة على الأرض بجانب غايا. جاء عدد من الرجال وحملوها على الدرج وهرعوا بها إلى مستشفى قريب. لحقتهم آني. وصلوا أولًا إلى مستشفى الروم. كان المشهد مروعًا: دمار وجرحى في كل مكان. وجدوا سيارة إسعاف متوقفة عند مدخل المستشفى. وضعوا غايا داخلها، مع جرحى آخرين، وانطلقت السيارة لتمرّ على عدد من المستشفيات قبل الوصول إلى مستشفى أبو جودة في جل الديب. بدأت غايا بالنزيف من فمها وأنفها، فأدخلت مع الجرحى الآخرين إلى المستشفى.
لم يُسمح لآني وماريانا وصديقتهما بالدخول إلى المستشفى فانتظرن في الخارج. بعد فترة قصيرة، تمكنّ من التسلل إلى الداخل وبدأن في البحث عن غايا. تفرّقن وذهبن في اتجاهات مختلفة. وجدت آني أمامها بابًا حديديًا. فتحته ودخلت. كانت غايا ممددة على نقّالة في الممر وكان وجهها مغطى. كانت ماريانا وصديقتهما واقفتين بجانبها. كانت غايا قد أسلمت الروح.
عند الساعة 15:21، نشرت غايا على فيسبوك صورة لها وهي تركض في حقل. كانت ترتدي فستانًا أحمر وتضع نظارات شمسية. وكتبت تحت الصورة: “كلّ يصنع إيمانه بيده” مع قلب أبيض في آخر الجملة.
كانت غايا قد سافرت إلى أوروبا لدراسة تصميم المنتجات وتخصصت في تصميم المنتجات الإيطالية الفاخرة.
دُفنت غايا بعد يومين من الانفجار. كانت في التاسعة والعشرين من عمرها.