في الرابع من آب 2020، استيقظ نبيه طربيه من قيلولة بعد الظهر. كان بمفرده في البيت في دميت، الشوف التي تبعد 40 كيلومترًا إلى الجنوب الشرقي من بيروت. كانت زوجته لينا بو حمدان قد غادرت باكرًا إلى مستشفى الروم في بيروت حيث تعمل منذ 2017 ممرضة في قسم الولادة. وكان أولاده الثلاثة في أشغالهم. رتّب نبيه البيت وجلس على الأريكة في غرفة الجلوس ينتظر عودة لينا التي عادةً ما ينتهي دوامها عند السابعة وتعود مباشرة إلى البيت.
عند الساعة السادسة وسبع دقائق، سمع نبيه صوت انفجار مرعب. هرع صوب المطبخ لتفقّد جرّة الغاز ظنًا منه أنّها انفجرت. ثم ركض صوب الشرفة لتفقّد شقة شقيقه الذي يعيش في المبنى نفسه. لم يرصد أي شيء غريب قبل أن يبدأ هاتفه بتلقّي الإشعارات، فقرأ وسمع رسائل عن عملية اغتيال محتملة في العاصمة.
اتصل نبيه بلينا مرات عديدة من دون جدوى. فبعث لها رسالة صوتية يتوسّل إليها أن ترد عليه ليعرف أنّها بخير. ثم بدأ الاتصال بكل من يعرفهم في بيروت. ردّ عليه ابنه مازن وقال له إنّه في الأشرفية عائد إلى بيته فطلب منه نبيه أن يتوجّه مباشرة إلى المستشفى للاطمئنان على والدته التي لا تردّ على هاتفها.
عند العاشرة، تلقّى نبيه اتصالًا من مازن يبلغه بأنّ لينا توفّيت. لم يصدّق نبيه الخبر وطلب من ابنه تشغيل الكاميرا، وعلى شاشة هاتفه رأى لينا ممدّدة على الأرض بلا حراك. شعر بقلبه يغرق بين ضلوعه وركض صوب الدرج إلى شقة شقيقه طالبًا منه أن يقلّه إلى بيروت.
بعد ساعات وصل نبيه وشقيقه إلى المستشفى. كان الدمار في كل مكان. وجد ابنه في الطابق الأرضي يجلس على الأرض قرب والدته بعد أن قام وبمساعدة أصدقائه بحملها من قسم الولادة على الطابق الخامس. جلس نبيه بالقرب منهم، احتضن لينا وقبّلها، آملًا أن تستيقظ. ولكنها كانت قد رحلت..
أعاد نبيه لينا إلى القرية في تلك الليلة ودفنها في اليوم التالي.
تزوّج نبيه ولينا قبل 34 عامًا. بعد زواجهما، انتقلا عام 1986، إلى أبو ظبي حيث أنجبا وربّيا أطفالهما. عام 2012، خسر نبيه عمله فعادت العائلة إلى لبنان لتبدأ من الصفر.
“عشنا أسعد حياة. أشعر أنّها لا تزال بيننا وأنّ كل هذا ليس سوى كابوسًا. لا أشعر أنّها رحلت”.