في الرابع من آب 2020، عند الثالثة بعد الظهر، دخلت شوشان بيزدجيان غرفة ابنتها جيسيكا لإيقاظها.
تعمل جيسيكا ممرضة في مستشفى الروم، وكانت قد عادت في ذلك اليوم من دوامها الليلي حوالي الثامنة صباحًا وخلدت إلى النوم على الفور. استيقظت جيسيكا، اغتسلت، تناولت بعض الطعام وجلست على الشرفة تنتظر شقيقتها روزالين التي كانت استعارت سيارتها في ذلك اليوم للذهاب إلى عملها.
عند الخامسة والنصف، وصلت روزالين وغادرت جيسيكا إلى عملها. بعد نصف ساعة بعثت رسالة إلى والدتها تبلغها أنّها وصلت إلى المستشفى.
عند السادسة وسبع دقائق، بعثت جيسيكا رسالة أخرى إلى والدتها هي عبارة عن إيموجي ملاك. وبعد ثوان هزّ انفجار هائل المدينة.
في شقتهم شمال بيروت التي تبعد 10 كيلومترات عن موقع الانفجار، صرخت شوشان لزوجها جورج الذي كان يقف على بعد أمتار منها، شعرت أنّ قلبها توقّف: “جسّي صرلها شي”. حملت هاتفها وعبثًا حاولت الاتصال بجيسيكا.
هرع جورج وروزالين خارج المنزل وقادا السيارة إلى المستشفى تاركين شوشان في المنزل. اتصلت الوالدة بصديق جيسيكا الذي يقطن قريبًا من المستشفى وطلبت منه الذهاب إلى هناك لتفقّد ابنتها التي لم تكن تردّ على هاتفها.
لم تقدر شوشان الانتظار أكثر وقررت اللحاق بجورج وروزالين. فعرض جارها أن يُقلّها. وصلا إلى برج حمّود فوجدا الطرقات مسدودة. خرجت من السيارة وأوقفت شخصًا على دراجة نارية وتوسّلت إليه أن يقلّها ففعل وأنزلها بالقرب من المستشفى. كان الظلام دامسًا، والدمار في كل مكان. وصلت شوشان إلى المستشفى وهي تبحث عن ابنتها وحين وصلت إلى الطوارئ وجدت جورج وروزالين جالسين على الأرض وجيسيكا ممدّدة قربهما. بدت كـ “ملاك نائم”.
كانت جيسيكا وصلت باكرًا في ذلك المساء إلى المستشفى كعادتها لقراءة ملفات المرضى وإضافة ملاحظاتها. عبرت من الباب الكهربائي للمدخل وبعد خطوات قليلة انفجر الباب وتطاير الزجاج في المكان ليصيب جيسيكا ومن كان قريبًا منها. فقُتلت على الفور.
بعد مقتل جيسيكا، بقيت شوشان لأشهر ترى فراشات بيضاء في كل مكان. في بيتها، على الطريق، فراشات تطير أمامها في كل مرة تقود وعائلتها السيارة.
في السابع من تشرين الثاني، في ذكرى ميلاد جيسيكا، ذهبت شوشان وجورج وروزالين إلى المقبرة. بعد دقائق من وصولهم، حامت فراشة بيضاء حولهم وحطّت على قبر جيسيكا.